عبد الحكيم
عدد المساهمات : 84 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 64
| موضوع: وقالها الشعب الأحد أبريل 18, 2010 8:37 am | |
| بداية الكلام: قال الولي الصالح الشيخ عبد الرحمان الثعالبي: إنّ الجزائر في أحوالها عجب ولا يدوم بها للناس مكروهما حلّ عُسر بها أو ضاق مُتسع إلا ويسّر الرحمن من يتلوهالجزائر هذا البلد المترامي في اتجاهات الأرض والبحر... بلادي لم تصنعها صدف, ولم توجدها فراغات, ولكنّها تشكلت وتلاحمت قبل أكثر من عشرة آلاف سنة مكوّنةً حضارة عميقة، إشترك في صقلها الإنسان النوميدي والأمازيغي والعربي ولمّا اقتنع *طارق* وأمثاله بنور الإسلام إختاروه سراجا وسبيلا... فنشروا العقيدة والدين القويم وفي سبيله أحرقوا سفنهم على الضفة الأخرى رغبة لا رهبة, إقتناعا لا إرغاما.لا أدري لماذا إرتسمت أمامي هاته الصورة العظيمة للشعب الجزائري، الذي سجّل منذ بدء التاريخ عظمته وشموخه بأحرف من نور, غير أنّه في كل مرة يصطدم بفكرة خاطئة يرسمها عنه الأغبياء والحمقى حين يوسمونه بالقصور وعدم البلوغ، فينصّبون أنفسهم عنه أوصياء بغير وكالة ليتكلمون باسمه دون استشارته... في عام 1930 م إحتفلت فرنسا بمرور قرن- مائة سنة- عن إحتلالها للجزائر.. إحتلال من قال هذا؟؟ بل تعمير, إستيطان, بل تمكين حضارة فرنسا على أرضها في الضفة الأخرى فأُوقدت الشموع, وزُينت الشرفات بالورود والياسمين مُعلنة إلى الأبد أنّ الجزائر قطعة فرنسية وهكذا بجرة قلم وفي هذيان صيف تناست أنّه: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدرولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسروممّا عزّز اعتقادها وإيمانها بالفكرة أن صدقتها بعض أبناء جلدتنا, حين رفع دعاة الإدماج عقيرتهم قائلين: "قد بحثنا عن الأمة الجزائرية بين الأحياء وفي القبور فلم نجد لها أثرا".إندماج وتجنيس... حرم منه من حرم، لأنّ هناك من الفرنسيين من رأى فيهم – رغم خنوعهم – خطرا على العنصر الفرنسي ومتزاحمة لهم في المجالس النيابية:هم يحسدوني على موتي فوا عجبا!! حتى على الموت لا أخلو من الحسدبيد أنّهم رأوا أنّه لا يمكنهم التجنس والإندماج من دون خروجهم عن مبادئ شريعتهم, هاته الأفكار التي دعا إليها "موريس فيوليت" وعزفتها المجموعة الصوتية المكونة من أفراد الجبهة الشعبية وأنصارها, وقد ألف *فيوليت* إثر رجوعه إلى باريس كتابا للدعاية والعمل لهذه الفكرة أسماه: "هل تعيش الجزائر؟؟"، تقوم أفكاره على: إعطاء القسم المتيقظ من الجزائريين بعض الحقوق يتلهون بها وينشغلون عن مناوشتنا وإقلاقنا, فإن لم تسرع فرنسا بمثل هذه العملية التخديرية فسيأتي يوم وليس ببعيد لنشر الوعي القومي في الطبقات البائسة بالجزائر، ويندفعون في الميدان التحرري الاستقلالي، وعندئذ يتسع الخرق على الراقع وتخسر فرنسا آخر أمل لها في المحافظة على حظوتها بالتراب الجزائري.على ضوء هذه المحاولة اليائسة, جذوة الأصالة تنطفئ, تغيب عن الأعين ولكن لا تخمد؛ جينات الإستماتة والتمسك بالأصل مغروسة في هذا الشعب، بدأت المحاولات بدءا من تدعيم فكرة عقد مؤتمر إسلامي جزائري في الخامس ماي 1931 بمكان كان يمكن أن يكون –صالة- تحاكي – صالون – ميّ زيادة وفي حضرتها: العقاد والرفاعي وتوفيق الحكيم.. بمكان يتوسط العاصمة, يعانق البحر الذي لفظ منذ قرن جسما غريبا عن هذا الشعب، ومع مرور الزمن صدق هذا الورم الخبيث، أنّه جزء من هذا الشعب بل هو الشعب نفسه، وكيف لا يصدق وهو يعتقد أنّ هذا الشعب قد مات إلى الأبد، ونسي أنّ تلك الأعياد الهوجاء التي أقامها سنة 1930 احتفالا بمرور مائة عام على احتلال الجزائر هي التي ذكّرت الشعب الجزائري بأصالته وكينونته، فتأسست بنادي الترقي "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، وشعارها المعلوم: الإسلام ديننا, الجزائر بلدنا, العربية لغتنا, منتخبة على رأسها المصلح الفذّ الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس القائل: شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسبمن قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب أو رام إدماجا له رام المحال عن الطلبوتتواصل الحكاية... حكاية شعب عظيم يرفع التحدي كل مرة والأغبياء لا يفهمون عظمته, لا يدركون مكامن قوته وإن ادّعوا فهمه وسموه بـ"الغاشي" تارةً، وبعبارة أخرى "لانديجان" تارة أخرى..، ورغم هذا: القافلة تسير و... الشعب الجزائري الوحيد الثابت في صيرورة التاريخ يجازي ويعاقب من يشاء, يصدر حُكمه وفق معالم هو أدرى بها, عاقبوه في الثامن ماي, شردوه, قتلوه غير أنه شعب ولود لا يعدم الولادة.أحداث كثيرة تتصادف مع صدور هذا العدد تلتقي عند نقطة وحيدة ومحصلة واحدة وهي: ما أعظم الشعب الجزائري!!- الإنتخابات الرئاسية ليوم التاسع من أفريل.- الخامس من ماي تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.- الثامن ماي ذكرى مجازر قالمة, سطيف وخراطة.محطاتٌ ثلاث أكّدت أنّه لا سيادة لغير الشعب, شعب يرفض الوصاية والإنقياد الأعمى والتوجيه من وراء ستار، لأنه ببساطة ليس قراقوز.- قالت فرنسا: الجزائر قطعة فرنسية فرد عليها الشعب في 05/05/1931 بالجزائر, عربية, أمازيغية, مسلمة. -في ماي 1945 أخلفت فرنسا الوعد, فكانت مدن: سطيف, قالمة وخراطة ومختلف مدن الجزائر عند موعد إنطلاق مسيرة: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق- وفي أفريل 2009 ردّ الشعب بطريقته على دعاة إحباط الهمم, الواقفين في وجه مسيرته محددا مصيره ومستقبله, مجددا الثقة في أحد أبنائه, مختارا السلم والمصالحة والتنمية أمانا لأبنائه ووطنه.آخر الكلام:وطني أكبر مني... وأنا أكبر من كل الجراح... وطني قطعة سكر... وبقايا حلم طفل في نوفمبر... وطني نغمة ناي... عزفتها يد أطفال بـ"ماي"... وعيوني قمر يختزن الضوء بأضلاع الصباح. | |
|